تحقيقات

الروائي محمد الاباردي..الكلاسيكية في عمقها الحداثي

عنو موقع باب نات

خصصت هيئة تنظيم الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب ضمن أنشطتها الثقافية جلسة حوارية حول الروائي التونسي محمد الباردي انتظمت يوم الجمعة بقصر المعارض بالكرم بالتعاون مع مركز الرواية العربية بقابس، وقد أدارها الأستاذ محمد صالح مجيد وشارك فيها باحثون في المجال الأدبي وهم أحمد السماوي وسلوى السعداوي وأحمد الناوي البدري ورضا بن صالح.

أولى مداخلات هذا اللقاء الذي حمل عنوان “محمد الباردي وتسريد العالم”، قدمها الأستاذ أحمد السماوي الذي تناول مسألة استراتيجية الإدراك في روايتيْ “حنّة” و”الكرنفال”، وبيّن أن إدراك الراوي (محمد الباردي) للعالم كان أمرا عصيّا جدّا على المدرِك الذي سعى جاهدا لأن يُحيط نفسه علما بكل ما فاته منذ صباه إلى اللحظة الراهنة.


وقد فسّر متاهة الراوي في البحث عن الحقيقة باللجوء إلى “السلاسل” أي اللجوء إلى الكتابة بالتسلسل عبر تجميع المعارف المتصلة بماضيه لتقديم سيرته الذاتية بأسلوب روائي مميز.
أمران يثيران المتلقي عند قراءة روايات محمد الباردي، وفق أحمد السماوي، وهما الرغبة الشديدة للقارئ في تواصل أحداث الرواية بعد الانتهاء من قراءتها، وقد شدته عملية الحكي في مختلف مراحلها، أما الأمر الثاني فيتمثل في وقوع القارئ في إغراءات الراوي الذي يدفعه لمواصلة القراءة عبر عناصر المفاجأة والتشويق التي تتخلل عملية القص.

bardi2.PNG

وبخصوص القضايا المطروحة في أعمال الباردي، قال أحمد السماوي إن المسائل الاجتماعية هي المحور الطاغي على هذه الأعمال وخاصة قضايا الفقر والغنى والتعليم وعلاقة الناس بالساسة.

عالم المتاهة في نصوص محمد الباردي تدعمه بقوة أستاذة الأدب الحديث بكلية الآداب والإنسانيات والفنون بمنوبة سلوى السعداوي، إذ ذهبت إلى اعتبار هذا العالم “مرآة الإنسان المنسي وعالم الإنسان الذي يبحث عن كينونته وعن معناه الوجودي” بدءًا برواية “الكرنفال” وصولا إلى روايته الأخيرة “شارع مرسيليا” وهما روايتان مشبعتان بالسرد وقف تحليلها.
وأبرزت سلوى السعداوي أن عالم التخييل عند الباردي أصبح واقعا، فتغيرت العوالِم وأصبح الواقع المعاش خيالا فيما أصبحت الرواية واقعا معاشا تنتصر للقيم الإنسانية الكونية.

وصنّف الأستاذ الجامعي في الأدب الحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس أحمد الناوي البدري، أعمال الباردي الروائية إلى 3 مفاصل كبرى ممثلة كل منها بثلاث روايات.
وهذه المفاصل هي: الكتابة التقليدية ونجدها في روايات “مدينة الشموس الدافئة” و”قمح فريقا” و”الملاّح والسفينة”، أما الصنف الثاني فأطلق عليه اسم “الكتابة الروائية التجريبية” وهو ما نلاحظه، وفق قوله، في روايات “على نار هادئة” و”حوش خريّف” و”الكرنفال”.
وسَمّى الأستاذ أحمد الناوي المفصل الثالث بـ “الكتابة النيوكلاسيكية” وعي طريقة الكتابة المعتمدة في “ديوان المواجع” و”مريم” و”شارع مرسيليا”.
واعتبر أن الكتابة في هذه التجربة يتصالح فيها الكلاسيكي مع التجريبي لتصنع متوازنا محكوما بجمالية الاختلاف والتنوع.
ولاحظ الأستاذ رضا بن صالح من جهته، أن محمد الباردي تحدّث عن سيرته الذاتية بأسلوب روائي مشبع بالحكي، مما جعل النقاد يعتبرون رواياته “سيرة ذاتية مموهة” لطرافتها.
كما تساءل، في المقابل، عن أسباب كتابة الباردي لسيرته الذاتية مرّتين: الاولى في رواية “حوش دار خريّف” والثانية في رواية “حنّة”، وذهب إلى القول أن الباردي “ربّما يخشى السلطة السياسية”.

والروائي محمد الباردي هو من مواليد سنة 1947 بقابس حيث زاول تعليمه الابتدائي والثانوي.
تحصل على الإجازة في اللغة والآداب العربية سنة 1970 وعلى شهادة الكفاءة في البحث سنة 1972، وشهادة التعمق في البحث سنة 1983، ودكتوراه الدولة من الكلية نفسها.
صدرت له “مدينة الشموس الدافئة” و”الملاّح والسفينة” و”قمح فريقا” و”على نار هادئة” و”جارتي تسحب ستارتها” و”حوش خريّف” و”الكرنفال” و”حنة” و”تقرير إلى عزيز” و”مريم” و”ديوان المواجع” الفائزة بجائزة الكومار الذهبي للرواية العربية لسنة 2014.
لمح/ريم


المقال الموالي

نساء سيدي بوزيد العاملات في القطاع الفلاحي

حقوق منتهكة حتى اشعار اخر

 تحقيق امال المكيfemmes agr
« المرأة العاملة في القطاع الفلاحي بولاية سيدي بوزيد بين الحق والإنتهاك » عنوان دراسة ميدانية أنجزتها أكاديمية شباب راصد لانتهاكات حقوق الإنسان تحت إشراف الجمعية التونسية للحراك الثقافي وبالشراكة مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع سيدي بوزيد والاتّحاد الجهوي للشغل وبالتّنسيق مع الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان.
وبيّن رئيس جمعية الحراك الثقافي رياض العبيدي في تصريح ل »جمعيتي » أنّه قد سبق الدراسة تكوين لعشرات الشباب في العمل الميداني وهم فريق عمل موزّع على مختلف معتمديات ولاية سيدي بوزيد. حيث تمّ مطالبة كلّ متدرّب بتنفيذ استبيان مع حوالي 50 إمرأة عاملة في الجهة، قبل أن يتمّ تجميع كلّ نتائج الإستبيان وعرضها على أساتذة مختصّين لتحديد مخرجات الدراسة.
الدّراسة التي شملت 996 إمرأة عاملة في القطاع الفلاحي بسيدي بوزيد امتدّت بين ديسمبر 2015 وجانفي 2016. وقد ارتكزت على مهجية تجمع بين عدّة جوانب هي كالتالي: جانب نظري تكويني عبر القيام بدورات تدريبية حول حقوق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي وجانب تطبيقي ميداني من خلال القيام باستبيان يستهدف العاملات في القطاع الفلاحي بسيدي بوزيد وجانب دراسي عبر تحويل مخرجات الاستبيان إلى معطيات خرائطية وبيانية. حيث تمّ الإعتماد على المقاربة البيانية لضمان نجاعة الدراسة عبر الجمع بين الجدية العلمية وتبسيط المعلومة وإمكانية توظيفها وسرعة استقرائها ثمّ التحليل والتثمين والتوظيف من خلال طرح الأسئلة على الأطراف المعنية والمتدخّلة والمسؤولة في معالجة موضوع المرأة العاملة في القطاع الفلاحي، وفق ما جاء في الدّراسة.
وقد وقع الإختيار على ولاية سيدي بوزيد لإجراء الدراسة باعتبارها تشهد تحوّلات هيكلية في بنيتها الاقتصادية من الاقتصاد الرعوي إلى الاقتصاد الفلاحي العصري، إضافة إلى أنّها أكثر الولايات التي تعاني البطالة و داعيات الاختلال التنموي في تونس.
وشملت الدّراسة التي أجراها شباب من الجنسين الانتهاكات الممكنة لحقوق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي انطلاقا من الانتداب وساعات العمل والأجور والعطل مرورا بسوء المعاملة والتحرش الجنسي والنقل والاستقرار في العمل وصولا إلى الضمان الاجتماعي والصحة والسلامة المهنية والتدريب المهني الفلاحي والحق النقابي.
وتمّ التركيز  أثناء العمل على ترسانة مكوّنة من المواثيق الدولية الضّامنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية فضلا عن اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). وكذلك التشريعات الوطنية التي تكفل هذه الحقوق و خاصة الدستور التونسي ومجلة الشغل والاتفاقية الإطارية المشتركة في القطاع الفلاحي بين الاتحاد العامل التونسي للشغل و الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لسنة 2015.
غير أنّ مخرجات الدراسة أثبتت أنّ هذه الترسانة من الحقوق، إضافة إلى ما يزعم من أسبقية تونس في ضمان حقوق المرأة على المستوى التشريعي، لا تزال في أغلبها حبرا على ورق خاصّة إذا تعلّق الأمر بالمرأة الريفية عموما و العاملة في القطاع الفلاحي على وجه الخصوص، أين تنتهك الحقوق بالجملة في ظل غياب تام للدولة الجهة المسؤولة عن إعمال هذه الحقوق وتفعيل هذه التشريعات ومحدودية اهتمام منظمات المجتمع المدني والنقابات المعنية بهذا القطاع غير المنظم، حسب ما جاء في بيان لجمعية الحراك الثقافي على موقعها الرّسمي.
حيث بيّنت الدّراسة الميدانية أنّ الانتداب في العمل الفلاحي لا يزال خارج أطر القنوات الرسمية وبطرق تقليدية ودون أي عقد يضبط التزام كل من المؤجر والمرأة العاملة في القطاع الفلاحي. كما أظهرت انتهاكا واضحا لحقّ المساواة في الأجر فعلاوة على أن جميع المستجوبات صرّحن أنهن يتقاضين أجرا دون 13د، كشفت الدراسة أيضا عن تمييز في الأجر بين النساء والرجال في نفس العمل ونفس المهمة بلغ 99,2 ℅ وأنّ 99,5 % من النساء المستجوبات لا يتحصلن على أي منحة.
وفيما يلي بعض مخرجات الدراسة بالأرقام:
الضمان الاجتماعي: 97,9 % من العاملات لا يتمتعن بتغطية اجتماعية.
العطل الممنوحة للمرأة العاملة في القطاع الفلاحي: صرّحت 10%  من النساء المستجوبات بحرمانهنّ من العطلة الأسبوعية لأسباب مختلفة أهمّها عدم استرسال أيام العمل.
الصّحة و السلامة المهنية:  صرّحت 36,1 % من المستجوبات أنهن يمارسن عمل يمثل خطورة على الصحة.
التكوين المهني للمرأة العاملة في القطاع الفلاحي: 99℅ من النساء لم يتلقّين أي تكوين سابق و48 ℅ منهنّ تلقّين تكوينا بسيطا أثناء العمل.
العلاقة بين أطراف الإنتاج و الحق النقابي: 43,3 % من المستجوبات عبّرن عن استعدادهن للانضمام إلى نقابة و 35,8 %     من العاملات صرّحن أنّهن لا يعترضن على تشكيل نقابة.
ظروف النقل: صرّحت 76%  من المستجوات أنّ ظروف نقلهنّ رديئة جدّا في حين تعتبر 2%  منهنّ فقط أنّ ظروف نقلهنّ للعمل في الضيعات الفلاحية جيدة جدّا.
المعاملة و تنوّع أشكال الاعتداء: التعرّض للتحرش الجنسي والمضايقة: 8,2 ℅ والتعرّض للعنف اللفظي والمادي: 16,9 ℅.
ولئن أثبتت هذه الدّراسة انتهاكا لحقوق المرأة العاملة في سيدي بوزيد، فإنّه لا مناص من إنجاز دراسات أخرى في سائر المناطق الفلاحية في البلاد لإثبات ما تكابده هذه الفئة العمّالية من معاناة يومية. غير أنّ كلّ دراسة يجب أن تكون متبوعة بتظافر مجهودات هياكل الدّولة ذات الصّلة وفعاليات المجتمع المدني قصد إيجاد الحلول ووضع آليات التدخّل الضرورية لوقف الانتهاكات وإرساء اقتصاد اجتماعي وتضامني.

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑