حياتي في الصحافة من الهواية إلى الاحتراف في رفقة الأديب الراحل محمد الصالح الجابري

emission samedi 15 n 6

بقلم : محمود الحرشاني

سمعت لأول مرة باسم الأديب والكاتب الراحل محمد الصالح الجابري في الإذاعة الوطنية، في فترة السبعينات، عندما كان ينتج برنامجا أسبوعيا بعنوان “قصاصات” وكنت أتابع هذا البرنامج بشغف كبير، لما يوفره لي من متعة وإفادة… فهو رغم قصره في حوالي عشرين دقيقة تقريبا، كان بمثابة الفسحة المريحة في عالم الثقافة والأدب.

وفي المكتبة العمومية بقفصة والتي كنت أتردد عليها بشكل دائم، وجدت مجموعته القصصية الرائعة التي صدرت عن منشورات نادي القصة، ومجلته الرائعة “قصص” بعنوان “إنه الخريف يا حبيبتي” فأقبلت على قراءتها واكتشفت فيه كاتبا كبيرا، ورغم أن محمد الصالح الجابري ينتمي إلى جيل كامل من القصاصين الرواد الذين سما على أيديهم فن كتابة القصة القصيرة في تونس، مثل عبد القادر بن الحاج نصر، واحمد ممو، وسمير العيادي، وأبو بكر العيادي، والناصر التومي، ومحمد المختار جنات، وعبد العزيز فاخت، وعروسية النالوتي، ونافلة ذهب، ونتيلة التبائنية، وغيرهم، من رواد نادي القصة الذي أسسه الأديب الكبير محمد العروسي المطوي، وأعطاه من جهده وحماسه وخبرته وصبره وصموده ونبل أخلاقه، ما جعله إحدى أهم روافد العمل الثقافي والإبداعي في تونس… ورغم أن المرحوم محمد الصالح الجابري ينتمي إلى هذا الجيل فإنني وجدت في كتاباته ما يميزه عن الآخرين. فكتاباته مطبوعة بطابع الصدق والطرافة والجمال ومن يطالع روايته الشهيرة “يوم من أيام زمرا” يقف على هذه الحقيقة، فهي الرواية الأولى التي أرخت لكدح عمال المناجم ونضالهم…ونعلم أن هذه الرواية تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي للمخرج الكبير إبراهيم باباي…وقد تنوعت أعمال المرحوم محمد الصالح الجابري وتعددت خاصة لما اشتغل في دائرة الثقافة التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” وصدرت له عديد الكتب البحثية في مجال الشعر والتحقيق والموسوعات…

كنت اشعر دائما أن هناك خيطا ما يشدني إلى كتابات محمد الصالح الجابري لما تمتاز به من عفوية وصدق وجمال…ولعل قراء الصرح يتذكرون ما كانت تثير كتاباته في ركنه الشهير “من ثقب الإبرة ” من ردود أفعال… وبقدر ما كنت أنا متشوقا لمعرفة محمد الصالح الجابري عن قرب كان هو أيضا يحمل نفس الشوق إلى أن التقينا في أكثر من مناسبة وجمعنا أكثر من سفر مشترك فازدادت علاقتنا متانة…

جمعنا سفر مشترك إلى عديد الدول العربية لحضور ندوات ثقافية كبرى، مثل سفرنا إلى الكويت لحضور حفل صدور معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي أصدرته مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري. وحضر هو المناسبة ممثلا للامين العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وألقى كلمة رائعة حيى فيها إقدام مؤسسة البابطين على إصدار هذا المعجم الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي… وسافرنا معا مرة ثانية إلى الكويت أيضا لحضور حفل وضع حجر الأساس لمكتبة البابطين الشعرية…وكانت غرفتانا في النزل متجاورتين مما سمح لنا بالسمر، والسهر إلى ساعات متأخرة…وكان يحدثني بإعجاب عن مرآة الوسط…

واذكر بكامل الإعتزاز تفاصيل سفرة مشتركة إلى المغرب والى مدينة فاس تحديدا لحضور احتفالية ستينية الشاعر التونسي، أبو القاسم الشابي جمعتني أنا وهو والزميل العزيز صالح الحاجة والزميلة صوفية الهمامي…لن تغيب عن ذاكرتي تفاصيل تلك السفرة، وخصوصا سفرتنا عبر سيارة لواج من مطار الدار البيضاء إلى مدينة فاس.

واحتفظ في البوم صوري لمجموعة من الصور عن تلك الرحلة الرائعة سواء في سفرنا أو إقامتنا في فندق جنان فا ساو عندما دعينا إلى مأدبة عشاء إقامتها جمعية فاس سايس.

و آخر سفرة جمعتني مع الصديق محمد الصالح الجابري رحمه الله كان إلى المنامة عاصمة البحرين…ولا أنسى أبدا قفاشات المرحوم سواء ونحن في الحافلة من المطار إلى الفندق أو داخل الفندق، وأثناء الندوة او حتى في المطعم والمقهى.

استدراك…

في الحلقة الخاصة من هذه المذكرات بمجلة مرآة الوسط والأصدقاء والزملاء الذين ساهموا  في تحريرها سهوت عن ذكر الصديق المرحوم الهادي العافي والزميل مختار الحرشاني الذي يعد أول مراسل صحفي رياضي في سيدي بوزيد، وكان متعاونا معنا في قسم الرياضة، كما سهوت عن ذكر الصديق محمد العائش القوتي مراسل الجريدة في المتلوي.م.ح.

قريبا المذكرات في كتاب…

لكل من سألني كيف يمكنني الحصول على كامل هذه الحلقات مجمعة، أعلمكم أن جميع الحلقات ستصدر قريبا في كتاب في طبعتين، طبعة تونسية، وطبعة لبنانية قبل نهاية شهر أفريل القادم. م.ح

 

للتواصل مع الكاتب

الهاتف 98.417.729

أضف تعليق

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑